Bandu2.com mounirtaghia » ensiegnant - the blog of mounirtaghia Log in

Create A Blog!

mounirtaghia
mounirtaghia : ensiegnant

** Share the blog **

General information

Address: http://mounirtaghia.bandu2.com

Creation: 09/08/2010 14:19
Update: 09/08/2010 14:46
Articles 2
Images 2
Visits of the week 2660
Total visits 833

mounirtaghia :: ensiegnant


mounirtaghia has no other blog!
mounirtaghia - mounirtaghia

France - mounirtaghia
Position: 1422/56779 members

The items are sorted from oldest to most recent!

bandu2 : menu_arrow.gif Article: استاذ في الارياف - 09/08/2010 14:22

استاذ في الارياف

 

أمــــــي 


يخـيل لـي Ùˆ أنا قابـع بمملكتي / المـسكن ØŒ اللصيقـة بالمـدرسة / القـسم ØŒ Ùˆ الشـبيهة بـبناء الأضرحة Ø› أنني ولي من أولياء الله ØŒ ترتادني يوميا طوائف من التلاميذ راغبة في مـدد الـعلم ØŒ Ùˆ طامعة في أن أمحو عنها غشاوة جهلها ...هذا جلب معه خبزا ØŒ Ùˆ ذاك لبنا ØŒ Ùˆ عندما يكون مطـلب الزائـر أو جـرمه كبـيرا ØŒ فإنـه يضـطر لطلـب الـشفاعة Ùˆ الصـفح يجلـب بيـض Ùˆ زبـدة Ùˆ حليب !!! 
أنا أيضا أمامه كنت أستغرب هذه العادة الشاذة ، و أصنفها في عداد السلوكيات المشينة قبل أن أقتحم أدغال التعليم ، لكنني الآن و من موقعي هذا المنحوت بين الجبال سأحاول أن أبرر ذلك . بارحة هذا اليوم الذي أخطط لك فيه رسالتي هاته ، تحولت المنطقة لصحراء جبلـية مـن الثـلوج ، و مساء اليوم ، مع إطلالة محتشمة لأشعة شمس الجنوب ، انصهر كل الثلج ، فتحولت المنطقة إلى صحراء من النتوءات و المستنقعات الطينية و الوحلية . مطبخ المسكن / البيت يعرف خصاصا مهولا فـي بعـض الخضروات و القطـاني الرئيسـية ، و الخـبز ، و السكر ، و الشـاي .
و لا زالت تفصلنا ليلتين عن يوم السوق . توسمت الخير في أحد تلاميذي ، استدعيته ، وطلبت منه أن يأتيني بخبزة ، أو نصف خبزة ، أو قليل من الخبز ، ذهـب و لم يـعد ... استدعيـت الثـاني و استجديته بتوسل و تسول لجلب فتات من الخبز، قصد إخماد نيران هذه الطاحونة التي اعتادت هضم الخبز ، و لا شـيء غـيـر الخبز ؛ ماء المغاربة و أمير موائدهم ... ذهب راضـخا و عـاد مـعـتـذرا قائلا بالشـلحـة مـا مـعـنـاه : ( كـالـتـلـك مـي مـا بـقـاش الـخـبـز .) و تـرجـمـت قـولـه لعـشـيــري هـكـذا: ( كالتلك مو الله يسهل ! ! !) . هـو خليـط من مـشـاعـر الشـفـقـة المكلـفــة ، و التكافل المتكلـف ، و التبـني القـسري ، هــو أيـضـا جنــس من أجـناس الحوافــز ، و الاحتـضان ، و التـعايـش ، الميسر لـظروف حياة طرفيـن ، لكل منهما مصـلحـة فـي الآخـر ، و هـو كذلك سلوك مغربي حاتمي ، متجدر في المكان ، و متأصل في الزمان . يستحيل استـئصاله لراهـنة الوضـع ، و لظروف من فطـمته الحـضارة و أهملته الوزارة . و أحيانا يتـفاقم الســلوك بـتفــشي سمــات السـداجـة القـرويـة و الطمـع المـتمـدن ، و ارتـباك ملــكات التخطـيط و التدبير و التسيير ، مع تراكم التبعات النفسية لهواجس انتـظار صـرف الرواتـب ، و العـطل ، و الرسائل و ...
لكن المطمئن أن الظاهرة سائرة في طريق الاندثار ، منذ البدايات الأولى لسياسة تشبيب القطاع، و انتشار الشحنة الأولى من الهوائيات المقعرة فوق سطوح دور دواوير مغربنا . و أيضا مع توالي سنوات الجفاف ...
أمـــــــي
لـم أكـن أعتقد أن مغربنا لا زال يحوي بين طيات و نتوءات خريطته هذه الفـئة مـن شعبه ( ... ) الـذي لـم تخـدمه أي حـكومـة ، و لـم يعـره مـسؤولونا ، و منظماتنا ، وجمعيـاتنـا ، و أحزابنا ، أدنى اهتمام أو التفات ، و لم أكن أتصور أن مغربنا لا زال يخفي بين جباله هذه العينة من نسائه المعذبات ليلا و نهارا ...
هنا بالدوار يكني الرجال النساء بـ ( تمغارت تغيولت) و هو ما معناه ( الزوجة الحمارة ) و أنا أدعوهن بـ ( الأشجار المتحركة ) لاختفاء أجسادهن النحيلة ، وراء ثقل أكوام وأطنان من الحطب و الأغصان ...
كنت قد قررت يوما التخطيط لتحريضهن و إعلامهن بالتعديل الذي وقع على مدونة الأحوال الشخصية ، و بمستجدات مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية ، كما أزمعت تألـيب خضوعــهن و خنوعهن ، لكنني عدت و تذكرت أنني عجزت عن تبليغ مطلب بسيط لهن ، يتمثل في رجوهن الثقيل من وضع الزغب و الحصى في خبزة المعلم ، فكيف لي أن أخبرهن بتخويل الحكومة لهن حق اقتراح اسم أب وهمي لابن زنا ! ؟
أحيانا أمي ، أشعر أنني جندت هنا لمحاربة آفة أضخم من الجهل و أشسع من الأمية ،آفة ضاربة بضلالتها و جذورها في الأوصال ، والشرايين ، و الخلايا و المعتقدات ، و الفطرة ... تمـتد وظيـفتي للمسـجد ، لـدور الـدوار ، للحيوانات ، للأعـراف و الـعادات ، لتحـريـر الرسائـل و الشكايات ، للبث في النازلات و لفك النزاعات و الخصومات . تتعدى مهمـتي بضعة حـروف و أرقام لتطال عوالم أخرى ؛ غير اللغة في المخيلة الأمازيغية لناشئ . أجاهد كي أفتح عيونهم المسجونة وراء سلسلة من الجبال على الصورة و الصوت و التخيل و الحلم ، و على شاسعة وطننا ، و تعدد أناسه و دواويره و معلميه . تلاميذي يعتقدون أن حدود العالم القصوى تقف عند البلدة التي سافر إليها شيخ الدوار ، هناك حيث الطريق المعبدة ، و حيث الجماعة ، و حيث المستوصف ، و حيث الدرك ، وحيث الحلوى و السيارات ... هناك حيث ذهب ابن الشيخ يوما واحدا للاستشفاء ، وعاد ليحكي لأصدقائه عن عجائب و غرائب البلدة شهرا من الزمن بل زمنا من الشهور...
كم أتمنى أمي ØŒ أن أصاحب تلامـيذي في رحـلة طويـلة ،لـزيارة بعـض مـدن وطـنـنـا ØŒ Ùˆ لرؤية البـحر Ùˆ الـقطـار Ùˆ مركز البريد Ùˆ علامات المرور Ùˆ الدور العالية Ùˆ .... Ùˆ ... علني أوفق في توسيع آفاق فكرهم الضيق ØŒ Ùˆ تحرير رؤاهم ووعيهم المحنط بغشاوة سميكة من الجهل Ùˆ الانغلاق . لكن خوفي أن أولد لديهم – حينها – إحساسا بالحرمان Ùˆ أحرضهم وقتئذ على الهجرة ... 
أراضي الـمنطقـة جـد خصـبـة ، لـكـن رجـال الـدوار متـقاعـسون عـن شقـها ، و قلـبها ، و سقـيها ، وحفـر مـجار مـياه تجاهـها . زراعتـهم المحـببـة هي النـسيج ، و شغلهم الشاغل انتظار اكتمال زربية كل شهر ، و ترقب تفتح زهور الزعفران ، ومتابعة سكنات و حركات المعلم...! الرجال هنا يفتخرون بتخصصهم في زراعة الزرابي ، و الفلاح الأصيل من تنتج نطفته جنسا خصبا من الإناث الناسجات .أتساءل فقط ؛ ما ذنب هذه الأرض؟ و ما ذنب هؤلاء الناسجات الصغيرات؟
تـذكرين أمي ولعـي الشديد بالجرائد ØŒ Ùˆ البرامج ØŒ Ùˆ الربورطاجات المتلفزة Ùˆ السينما ... الآن ØŒ من موقعي هذا ØŒ أصبحت أرى في نفسي Ùˆ مجريات يومي مادة ناجحة لبرنامج وثائقي مؤثر ØŒ أو لسيناريو مسلسل درامي عنوانه " كضرون حياتي " ... فأن يفقد الإنسان إنسانيته ØŒ أن يتزاحم مثل الأكبـاش داخـل أو فـوق سـيارة غـيـر مؤمـنـة ØŒ أن يـشـعر أنـه أهيـن في آدميتـه Ùˆ كرامته فهذا أحط درجات العيش الكريم (... ) 
من المؤسف حقا ، أمي ، أن يكتشف المرء ، انه يخادع نفسه و ينافق مجتمعه ، يجامل هذا تصنعا و يخضع لسذاجات و إكراهات ذاك قسرا ، و من العار أن تجد نفسك مرغما على تقديم الغرابة لتلاميذ ، هم أحوج ما يكون ؛ لقطعة ثوب ، وقطعة خبز ، وحقنة دواء ، وشحنة حب و عطف و حنان ... !
و لعلمك أمي ، لا يوجد في هذا الوطن ، من يحمل حقا هموم أطفال بوادي و مـداشر مغربنا ، غيرنا نحن المعلمون ، لا يوجد من يعرف بنفـس عمـق معرفـتنا ، حقيقة أوضاع قـرى و فلاحي هذا الوطن ، و تأكدي كما الآخرون ، انه لا يوجد من يؤرقه مستقبل هذا الوطن ، بنفس حدة أرقنا ، و لا يوجد من ينوء بأوزار هذا الوطن ، غيرنا نحن من لبى نداء الجنوب ، نحن من يؤمن بان حقلنا ، هو خير ميـدان للاستـثمار و الإنتاج و تحقـيق الرقـي كما لا يوجد من يـدرك بنفس عمق إدراكنا بان الدواويـر و البوادي ؛ هي الأصل في نفعية هذا الوطن أو مضرته ..
أماه ØŒ تبدو الأيام لأصدقائي متوالية ببطء قاتل ØŒ Ùˆ أنا أراها زاحفـة بـسرعة الضوء ØŒ أيـام عمري تجري Ùˆ أنا أعدها Ùˆ أسجلها يوما يومـا Ùˆ بالتاريـخ الهـجري Ùˆ الـميلادي ØŒ الوقـت هـنا لا أهمية له Ùˆ المؤكد أن ساعتي غير مضبوطة ØŒ إذ لم أجد من اضبط عقاربها عليه ... فباتت هي الأخرى تجاري رتابتي ØŒ مرة تقدم ساعتين ØŒ Ùˆ مرة تؤخر أربع ساعات ØŒ حتى المذياع أبت موجاته أن تستقر على محطة واحدة . Ùˆ إذا حدث يوما أن خففت تيارات رياح الجنوب من وطيس غضبها ØŒ فانه يتحدث بثلاث لغات ممزوجة . لكنني أقولها لك صراحة Ø› لقد اكتشفت – متأخرا – هذا الجهاز المؤنس المسمى مذياعا . تذكرين أمي ØŒ ذوقي الغذائي ØŒ ثوابلي المحببة، فواكهي المقدسة ØŒ تذكرين طقوس كتابتي ØŒ Ùˆ أكلي Ùˆ نومي . لا أظنك ستنسين كل هذه الأشياء ... لكن أود أن أخبرك أنني تخليت عن عاداتي Ø› إن لم تكن هي التي تخلت عني . لم اكن أتصور يوما أنني سأغير – أو انه سيرغم علي تغيـير – ذوقي الغـذائي Ùˆ الموسيـقـي Ùˆ الأدبي . Ùˆ أنني سأستسيغ مذاق اللـفـت Ùˆ الشـحـمة Ùˆ " البـيصارا البـايتـة " ØŒ أو أنني سأطرب لإيقـاعات الـراي Ùˆ الريكي Ùˆ كل الأنواع الموسيقية الصاخبة ØŒ المكسـرة لسـكون هـذا الـدوار الأخـرس . أو أنني سأصبح مستهلكا غبيا لكل ما يقرأ Ùˆ لكل ما يقال Ùˆ لكل ما يجري Ùˆ يروج... أو أنني سأرتعد حد الفناء عند ترتيلي أو إنصاتي لتجويد آيات من الذكر الحكيم 
تخيليني أمي في أي وضعية لم يسبق لك أن رأيتني فيها Ø› مريضا Ù† مهملا ØŒ ضمآنا ØŒ جوعانا ØŒ بردانا . تخيليني واجما ØŒ متأملا ØŒ صامتا منصتا لسكون الجبال . Ùˆ أغاني الراي وترتيل آيات القرآن . مرارا أغسل وجهي دون أن أفطر ØŒ أو أفطر دون أن أغسل وجهي . Ùˆ أحيانا ØŒ أرغم على الصوم Ùˆ أنا جوعان ØŒ Ùˆ على الأكل Ùˆ أنا شبعان . لم أعـد أميز بيـن صبحي Ùˆ ليلـي ،و بين بارحتي Ùˆ يومي . الخواء Ùˆ الفراغ Ùˆ اللا شيء Ùˆ اللا معنى باتت أبراج حضي .. 
هنا بين الجبال، أمي، اكتشفت أن لكل شـيء صدى . اكتشـفت أيضـا أن الحـياة خدعـة و أن للصمت صـوت رنينـي مسترسـل ، و أن فـي عمـق العتمـة الدامـسة أنـوار هلامية خفـية ، و اقتنعت أخيرا أن هناك شعور أقوى من الحب يدعى الألفة ، و أن مبتكر النميمة إنما كان عدوا لذوذا لمعلم . و أن الأنثى هي سبب تخلف هذا الميدان ، و هذا الوطن ، و هذه العقول العاشقة . كما حظيت مؤخرا بخزي رؤية مكمن تخلف إدارتنا ...
بالمناسبة أمي ØŒ أود أن أخبرك أنني عدت لعادة قضم الأظافر ØŒ ووضع سبابة يسراي في الفجوة اليمنى لأنفي . Ùˆ أبشرك أنني شفـيت من فوبيا الكـلاب Ùˆ الزواحـف Ùˆ الأماكـن المرتفعـة Ùˆ الشاسعة . كيف لا Ùˆ أنا نفسي أصبحت قطعة من هذا الفضاء التجريدي . كما لا أنسى شكرك على ذلك المنديل الذي دسسته لي خفية في ثنايا حقيبة سفري . Ùˆ صدقيني أن عبق رائحتك العالقة بي تخفف عني قسطا من آلام بدني Ùˆ غربتي... 
أمي قد أسأم هذه الحياة ، قد أتدمر و قد أتمرد ، لكنني أعود و أتذكر أنني أعمل مرضاة لوجه الله ، أعود و أتذكر أيضا براءة عيون و صفاء قلوب هؤلاء الصبية ، فاقتنع أن الذنب ليس ذنبهم كونهم لا يتحدثون عربية أو دارجة ، و كـون نطـفهم تشكـلت بين الجـبال . و أعـود في الأخير ، لأتذكر حالـة زحمـة " راس الـدرب " و مقـاهي الدرب ، و مـجازي الـدرب فانكـمـش و أنتفض من سأمي ...
أماه ، و أنـا أصـلي داخـل بيتـي المشـيد فوق أعلى هضبة صخريـة بـالـدوار . أشعــر ؛ و هـذا أجمل شعور ، أنني قريب من الله أكثر من أي وقت مضى ، قريب من ملكوته و عـظمـته و مشـيئتـه ، قريـب مـن رحمـته و عـنايـته و لطـفه ...فأتـضرع و أتـذلل و ابكي و أتلاشى حسـا لا جسدا ...
مستلقيا على فراشي ، أجد نفسي مرغما على استرجاع كل حلقات شريط حياتي عشرون حلقة ، أتذكرها سـنة سنـة ، شـهرا شهـرا و يوما يومـا ، أسترجعـها بأجمـل و أتعس لويحـظاتها و بأبطأ و أسرع هنيهاتها .
والدتي ØŒ صدقيني أنني لا زلت أتذكر مذاق حليب ثدييك ØŒ Ùˆ أتذكر أيضا أنني طالما عضضتك من حلمتيك ØŒ Ùˆ طالما شددتك Ùˆ جذبتك من ظفائر شعرك ØŒ بل Ùˆ تعود بي الذكرى إلى يوم مولدي Ùˆ يـوم فـطامي Ùˆ يـوم خـتاني . أعـرف أنك لـن تستـوعبي ما أقـول ØŒ لكن أصدقـائي Ùˆ الجبال يستوعبون Ùˆ يبررون ما أقول ØŒ عندما تعصف بي نزلات برد حادة فأرعف على إثرها مرارا Ùˆ تكرارا ØŒ Ùˆ أفقد وعيي ØŒ ثم أسترسل في التذكر Ùˆ الهذيان . Ùˆ أذكر أيضا ØŒ Ùˆ لا أدري إن كنت ستصدقينني هذه المرة أيضا ØŒ لكنني أقسم ØŒ Ùˆ قسمي غير جائز ØŒ لأنني كنت وقتها لا أزال جنينا . قلت إذن أنني أذكر – Ùˆ الذكرى ليست ببعيدة – كل لحظة مكثتها بداخل أحشائك ØŒ فأذكر مثلا أنك حملتني أزيد من تسعة أشهر بخمسة أشهر أخرى . وأذكر أيضا ساعة مخاضك Ùˆ نفاسك 
و أذكر كذلك لحظة شعرت بأول نفس ، و بأول ركلة ، و بأول نبض من حياتي يدب في ظلماتك الثلاث ...، و أنك وضعتني بيسر ، و أن " مي صفية " هي التي جدبتني للوجود . بل و أذكـر ما حدث قبل و بعد ذلك بكثير فما رأيك والدتي ؟؟ حقا لكم هو رائع أن تنجب الأمهات معلمين .
أيام قبـل سـفري حذرتـني مـن أكـل الطعـام" البائـت"ØŒ Ùˆ من المـرور بالأماكـن المظـلمة Ùˆ ارتياد الأماكن المهجورة . أطمئنك Ùˆ أخبرك في هذه الرسالة غير المرسلة إليك ØŒ إن ابنك يقطن بمسكن لصيق بفرعية معزولة عن الدوار .محاط بمقبرة فسيحة Ùˆ مـطل على صهريج مهجور . Ùˆ أن غذاؤه الدائم ما تبقى من عشاء البارحات ...Ùˆ أن العقارب Ùˆ الكلاب Ùˆ الزواحف باتت من اخلص أصدقائه Ùˆ مؤنسيه 
أمي ، لن أنسى يوم ودعتني بعينين دامعتين و قلب خافق متهدج : "سير أوليدي راك محضي و مرضي الوالدين ، سير ربي يسترك و يحفظك و ينجيك ، راك سالم غانم من شر الشيطان و بنادم " . و أحسست وقتها بخاتم الرضا يطبع على جبيني . كما استحضر كلما هممت باقتراف الفواحش نصيحتك الغالية برفق و دفء و حياء صوتك " ولدي خـدم بنـيتك و ديـر ثقتـك فـالله ، و ما تكمي ما تسكر ما تزني باش رجاكو رجاي يكون مقبول ." خاضع لحد كتابة هذه الأسطر لوصاياك الغالية . فقط ، اعلمي أنني لم اعد ذلك الجيلالي " الذي تعرفينه ، أشعر أن هزة نفسية ألمت بوجداني ، فقدت تلك الروح المرحة و تلك الابتسامة التي ما كانت لتفارق محياي .
أعـدك أمي ،أنـني لن" أكمـي" Ùˆ لن " أسكـر " Ùˆ لـن " أزني " لكـنني سأبـكى Ùˆ أحكي Ùˆ أشكي سأكتب Ùˆ اعترف Ùˆ سأفضح كل التجاوزات ØŒ كل الخروقات ØŒ Ùˆ كل التواطآت المحاكة ضد هذه الأقاليم المغربية المحافظة .سأفرغ حويصلات الأقسام من جثتها Ùˆ ديدانها Ùˆ سأمزق ستائر المدارة 
حقا ØŒ Ùˆ أنا أعيش الأجواء الماجنة ØŒ كشاهد عن كتب وسط معمعة عاهرة ØŒ أقاوم رغبة جامحة في تجاوز نصائحك الغالية . فبين الحين ØŒ Ùˆ الحين ينتابني ضمأ كبير لسيجارة رخيصة ØŒ Ùˆ لكأس خمر رديء Ùˆ لأنثى عاهرة ØŒ أسـترجع Ùˆ إياهـم لحـظات الصخـب Ùˆ الانتـشاء Ùˆ اللـذة . Ùˆ أحيانا تغويني حتى الاستسـلام رائحـة دخـان السـجـائر Ùˆ الكحـول Ùˆ الجـنس ØŒ Ùˆ تتحامـل علي الجـبـال Ùˆ الرجـال Ùˆ الغيـــوم ØŒ فتذيقنـي ØŒ مـتراكمـة ØŒ مرارة الحـياة Ùˆ شـقــاء غربـة الـوطـن ØŒ Ùˆ تشجعني غير ما مرة هذه الظروف المعربدة على تجرع مرارة النبيذ ØŒ لأمزج المرارتين علني أتذوق الحلاوة . لكنني أعود Ùˆ استحضر وصاياك الثمينة فأعصم نفسي عن الوقوع في الرذيلة. 
صعب جدا أماه ØŒ أن يقضي الإنسان عقدين من حياته ØŒ بين أحضان الأم Ùˆ العائلة Ùˆ المدينة بكل مقوماتها ØŒ ليجد نفسه فجأة Ùˆ دونما أدنى تهيئ نفسي لوسط قروي محض ØŒ أو لنقل لبادية إحدى القرى ØŒ Ùˆ بتعبير أوضح لأبعد نقطة عن طريق ثانوية معبدة . فطام الحضارة لا يعادل فطام ينبوع أمومتك يا مجد الأمومة Ùˆ يا فيض الرضا... 
ميزة المدينة أن يومها ينسيك بارحتها ، و غدها سينسيك قطعا في أمسها .
بين الجبال أعيش يومي بذكرى البارحة و أتأكد أنني سأعيش غدي بأحداث أيامي الماضية خلاصة القول أن أيامي هنا متشابهة باستثناء يوم زارني المفتش ( ... ) مفاهيم جديدة أمـــي ، اقتـحمـت قامـوس حـياتـي ؛ الغربــة المـوخـزة ، القـسـارة العامـرة " القـسارة الخاوية " " العشرة " " التقدية " " الكميلة" " الدكة " "الحكرة "... ما كنت والدتي العزيزة سأعيش هذه المفاهيم لحظات و هذه الأحاسيس جرعات زعاف لولا ولوجي سلك المتاعب النبيل .
قديما و كل قديم غير بعيد ، كنت أتألم على بعض السويعات المؤنسة ، و أتحسر عليها ، أعيشها و أحاول جاهدا الاستماع بها قدر الإمكان ، ليقيني أنها ستصبح ذكرى ... ، الساعة ، اليوم و كل الأيام اللاحقة ، أنتظر بلهفة و ترقب كبيرين متى تصبح للذكرى بالرغم من انسيابها الحتمي.

bandu2 : menu_arrow.gif Article: ou se trouve larache - 09/08/2010 14:40

ou se trouve larache